نجوم الفن والإبداع في مصر غاضبون بعد الهجوم الذي شنه «مشايخ محسوبون على تيار الإسلام السياسي» على فنانين، بحجة أنهم «نشروا الفتنة والزنى» في المجتمع المصري طوال السنوات الماضية واتخذوا من الحرية غطاء «لممارسة الفواحش» وحان الوقت لتحجيمهم.
هل ينبع الهجوم على الفنانين من رغبة هؤلاء في اكتساب شهرة في وسائل الإعلام أم أنه سعي إلى السيطرة؟
اتهم عادل إمام بازدراء الأديان، ثم طلب الداعية صفوت حجازي من هيفا وهبي أن تحتشم، وانتقل الهجوم بعد ذلك ضد الفنانة هالة فاخر بسبب موقفها من الرئيس المصري محمد مرسي، ما أثار ردّة فعل قاسية من المذيع السلفي الشيخ خالد عبد الله الذي وصفها في برنامجه بأنها ممثلة درجة ثالثة و{لم يتم تربيتها».
قررت هالة فاخر عدم السكوت على هذا التطاول واللجوء إلى القضاء للحصول على حقها ضد الإرهاب المعنوي الذي يهدد الفن المصري، موضحة أنه لا يصح أن يخرج مثل هذا الكلام من داعية إسلامي يفترض أن يتمتع بأخلاق عالية.
الواقعة الأكبر والأكثر حدة بطلتها الفنانة إلهام شاهين والداعية الإسلامي عبدالله بدر الذي انهال عليها بالاتهامات، فرفعت دعوى قضائية ضده، وساندها نجوم كثر رفعوا دعاوى مماثلة ضده وضد الشيوخ الذين فتحوا النار على الفن والفنانين.
عبّرت الفنانة فردوس عبدالحميد بدورها عن استيائها من الأسلوب المتدني الذي هاجم به هؤلاء الشيوخ الفنانات، مشيرة إلى أن الشيخ عبد الله بدر يفترض أنه يعرف الدين جيداً، ويعي خطورة النميمة والمسّ بأعراض الناس والتفوّه بكلام من دون دليل، مع ذلك وصف إلهام شاهين بعبارات يعاقب عليها القانون وليست مجرمة بحكم الشرع فحسب.
أضافت عبد الحميد أن هذه الهجمة مقصودة من تيارات معينة، الغرض منها ذبح المثقفين والفنانين ومحاولة الهيمنة عليهم، مؤكدة تأييدها لإلهام شاهين في قرارها مقاضاة بدر، لأنه وجه إليها شتائم بشكل صريح وعلني «حتى لا يتم الاستهانة بالفنانين بعد ذلك، واعتبارهم فئة ضعيفة يسهل الاستقواء عليها»، على حدّ تعبيرها.
«كيف تُهاجم فنانة واعية ومثقفة صاحبة قيم ثقافية إنسانية وإبداعية؟» هكذا بدأ محمود ياسين دفاعه عن الفن عموماً وإلهام شاهين خصوصاً، موضحاً أنها أكاديمية ودرست الفن قبل أن تتخذه مهنة، وتملك تاريخاً عريقاً من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، لافتاً إلى أن هذا الشيخ يهاجم الفنانين لينال ما يستطيع نيله من شهرتهم.
وطالب ياسين بضرورة ازدراء هذه الاتجاهات ولفظها لتتخذ حجمها الطبيعي، «لأن فنانينا ومبدعينا متعلمون وخريجو أكاديميات أنشئت منذ قرن»، كذلك طالب العقلاء بالوقوف في صف المبدع المثقف أياً كان شكل إبداعه، مضيفاً أن «الأفلام الأميركية، على رغم ما يقال عنها، إلا أن %15 منها يشارك في المهرجانات و%45 منها تجارية تجذب المشاهدين من الأعمار كافة والبقية مبتذلة، نحن نرفض تقديمها لأننا ننجز فناً محترماً».
من جانبه رفض الفنان فتحي عبد الوهاب ربط تصرفات أي شخص بخلفيته أو انتماءاته؛ موضحاً أن كل فرد مسؤول ويحاسب قانونياً على أقواله باعتباره مواطناً، بغض النظر عن أنه داعية أو شيخ أو غير ذلك، «إذا ربطت هذه الصلات ببعضها فسأعتبره ارتكب كبائر وهي المسّ بالأعراض، وهذا غير مسموح به في الأديان السماوية كافة، لذا لا يمكننا اعتبار هؤلاء شيوخاً يمثلون سماحة الدين الإسلامي».
بدوره أشار المخرج داود عبد السيد إلى أن ما فعله بدر هو جنحة، يجب على شاهين مقاضاته قانونياً، ولا بد من معاقبته ليكون عبرة لغيره.
وتوقع عبد السيد حدوث صلح بين الفنانة والشيخ قبل أن يقول القضاء كلمته، لافتاً إلى أن هذه الاتجاهات المتخلفة، على حد وصفه، تتاجر بالدين وتستعين به وفقاً لأهوائها، منذ صعود «الإخوان المسلمين» إلى كرسي الرئاسة، معتبراً أنها مرحلة ستنتهي بالتطبيق الصحيح للدين والقانون والأخلاق، «فهي ليست حرباً بل اتجاه غير منظم يتميز بلهجة استعلاء واستقواء واضحة تهدف إلى القضاء على الفنانين والمبدعين».
وناشد عبد السيد النخبة والمثقفين والنقابات حماية الفنانين ومساعدتهم في الحصول على حقهم المادي أو المعنوي، «لأن الأمر قد يتطور ولا نعرف إلى أين ستصل بنا هذه الهجمات».
أخيراً شدد الفنان أشرف عبد الغفور، نقيب المهن التمثيلية، على ضرورة أن تتصدى النقابة لمثل هذه الهجمات الشرسة على الفن ونجومه، مشيراً إلى أن لقاءهم بالرئيس المصري مرسي هو محاولة لاحتواء الأزمة ورسالة تطمينية للفن والفنانين والمثقفين. ( الجريدة الكويتية )
22 September 2012
- Blogger Comments
- Facebook Comments
Item Reviewed: الهجوم على الفنانين.. إرهاب معنوي وصولا للشهرة
Rating: 5
Reviewed By: وفاء